روائع مختارة | روضة الدعاة | استراحة الدعاة | أيها الدعاة إلى الله تعالى.. لا تركنوا إلى المفلسين الحاقدين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > استراحة الدعاة > أيها الدعاة إلى الله تعالى.. لا تركنوا إلى المفلسين الحاقدين


  أيها الدعاة إلى الله تعالى.. لا تركنوا إلى المفلسين الحاقدين
     عدد مرات المشاهدة: 3289        عدد مرات الإرسال: 0

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدعاة إلى الله تعالى هم خير الأمة؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

وهذه الأحسنيّة- من لفظ: أحسن- إنما جاءت من كون الداعية إلى الله تعالى وتقدّس. يقول بقول الله، ويدعو الناس بقال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه فهو أحسن الناس قولًا، وبالتالي هو أحسن الناس عند الله تعالى، ولكن بشرط {وَعَمِلَ صَالِحًا}؛ إذْ لا خير في قول يخالفه فعل صاحبه..

قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ}.

وإن الداعية إلى الله تعالى لن يحظى بالأحسنيّة والخيريّة والفلاح إلا إذا كان صادق الوقوف عند حدود الله في دعوته، ومن ذلك أن يستقل عن سبيل المجرين المفلسين الظالمين.

لمّا جاء كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعرضون عليه مشروعهم الخبيث: أن تعبد آلهتنا عامًا وأن نعبد إلهك عامًا، أجابهم صلى الله عليه وسلم بوحي الله الحاسم الخالد الواضح: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 1- 3].

وفي زماننا هذا، أخذ بعض الدعاة إلى الله تعالى نتيجة العجلة والخفة والطيش، وربما للرغبة في قطف ثمرة سياسية أو حزبية أو غير ذلك- أخذ بعض الدعاة يلين القول للمفلسين الظالمين من أصحاب الأفكار الهدامة والمشروعات التغريبية والتيارات المنحرفة عن دين الله، بل أخذ بعض الدعاة يعلن تحالفه مع هذا التيار أو ذاك، من تيارات الظلم والفجور والانحلال، وأخذ هؤلاء- هداهم الله للحق- يساوم ويقدم التنازلات تلو التنازلات، حتى رأينا من يدعو إلى التفاهم مع العلمانيين الليبراليين، وهم أحقد خلق الله على دين الإسلام.

قال الله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ. لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ. وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} [الحاقة: 44- 48].

فبماذا سيجيب الذين أحدثوا في دين الله ما لم ينزل به سلطانًا باسم التفاهم والتنازل والتحالف مع أعداء الإسلام ؟

إن أصحاب التيّارات الهدّامة من الليبراليين العلمانيين وسواهم يدركون ما للدعاة إلى الله والعلماء من الحظوة والقبول والمحبة والتبجيل في نفوس المسلمين قاطبة، في كل ناحية وصوب، وعلى مر الأزمان وكرّ الأيام، ولذلك فهؤلاء المنحرفون الحاقدون على دين الله يسعون جهدهم لاستدراج بعض الدعاة إلى ما يسمى بالتفاهمات والتحالفات والحوارات، تحت ذرائع ظاهرها وباطنها من قبله العذاب والخزي والانحراف والحقد على دين الله وعلى أمة الإسلام، وذلك ليجدوا لهم موضع قدم في قلوب الناس، وليجدوا لهم منطلقًا ينطلقون به لطمس معالم الملّة ومحو آثار الرسالة الربّانية.

إن أعداء الإسلام من الليبراليين العلمانيين الديمقراطيين ومن سار معهم وجاراهم يدركون أنه لا مقام لهم في ديار الإسلام، ويدركون أن الناس تعتقد كراهيتهم والبراءة منهم ومن عقائدهم وانحرافاتهم وأباطيلهم، ولن يقبل المسلم مساومات هؤلاء له على دينه أبدًا، بل هي البغضاء والبراءة ما دامت السماوات والأرض، ولذلك فهؤلاء يسعون إلى التقرب من بعض الدعاة الذين يظهرون لهم اللين في القول، ويدغدغون مشاعرهم ويخدّرونهم بألفاظ من قبيل الداعية المتنوّر والعالِم المتفتّح والمفكر الإسلامي المتجاوز، وغيرها من الألقاب التي لا تكلّف هؤلاء إلا القليل من الحبر، وإلا فهم في الحقيقة يدركون أنه لا متنور ولا متفتح ولا ما يحزنون، وسوف يظهرون له ما أخفوه عنه حين يستهلكونه ثم يحرقونه.

إن هؤلاء الدعاة لا يدركون خطر ما هم مقدمون عليه، ويجهلون حقيقة هؤلاء الليبراليين العلمانيين والقوميين والشيوعيين ومن شابههم وحالفهم وحقيقة أهدافهم، ولذا فمن الواجب تبصيرهم بحقيقة الدور الهدّام الذي يقومون به نتيجة تحالفهم وتفاهمهم مع أعداء الله تعالى، فإن انتهوا وإلا فالواجب يقتضي التحذير منهم ومن طريقهم هذا.

إن كل داعية يركن إلى هؤلاء ويتفاهم معهم ويحاورهم على سبيل التعاون، لأهداف سياسية أو تنظيمية أو لأنه يسعى إلى البروز من خلال منابرهم الإعلامية والنشرية أو غير ذلك من الغايات والأهداف قد حقق لأعداء الله تعالى مرادهم، وسعى من حيث يدري أو لا يدري إلى تبييض صفحاتهم الكالحة أمام الناس، وساهم في خداع الجماهير المسلمة لمصلحة هؤلاء الذي لا يكنون لهؤلاء الدعاة إلا البغض والكراهية ولدينهم الحقد والعداء.

إن الداعية الذين يركن إلى الظالمين المناوئين لدين الله تعالى وللمسلمين قد رضي أن يكون داعية سوء وفساد، بعد أن كان يومًا داعية خير وفلاح، وهو بهذا الانغماس في الكيد لدين الله قد أخذ نهجًا خالف به نهج النبي صلى الله عليه وسلم ونهج صحابته رضي الله عنهم، ونهج دعاة الإسلام في كل زمان ومكان، وهو- بهذا- أشد خطرًا على الإسلام من حلفائه الذين حالفهم.

ولا ريب أن القرآن قد حذّر من هذا النهج، حيث قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود: 112- 113].

فكيف يأتي الخير والفلاح من قبل من ركنوا إلى الذين ظلموا وعاثوا في الأرض فسادًا بفكرهم وأقلامهم، من الذين عقدوا رايات الليبرالية العلمانية والديمقراطية القانونية الوضعية، وغير ذلك من الملل والنحل المناوئة لدين الله تعالى؟!

الأحد 19/ 5/ 1426هـ.

الكاتب: علي التمني.

المصدر: موقع طريق الإسلام.